تلقيت دعوة كريمة من أحد التجار
في مجلس حضره كبار رجال الأعمال وكان جل حديثهم عن الاستثمارات التجارية والأرصدة
في البنوك العالمية، الكل يتباه بما يملك ولا ضير في ذلك عندي بل قد استفدت من
حديثهم كثيرا، ثم حدث نفسي كيف أجاري حديثهم وعن ماذا أتحدث معهم وصاحبكم يملك
الملاليم وهم يتحدثون عن الملايين، لكن طرأت في مخيلتي فكرة على نفس سياق حديثهم،
ولأحول حديثهم إلى شئ أستطيع الخوض معهم..
سألت من منكم يملك حسابا في كل
دول العالم؟
لم يستطيع أحد منهم إجابتي بنعم
برغم المليارات التي يمتلكونها في أرصدتهم وصاحبكم الذي يملك الملاليم في رصيده قال
نعم أنا عندي حساب في كل دول العالم!!
رأيت الدهشة في عيون الحاضرين
وقبل ذلك في عين صاحبي، قلت على رسلكم .. على رسلكم .. من منكم معه أصدقاء في كل أنحاء
العالم؟
الكل أجاب بالنفي، قلت لهم أنا
أملك حساب في كل دولة أي لي صديق من الأصدقاء في أرجاء المعمورة يعني فاتح
حساب إنساني وليس مادي في جميع دول العالم..
قليل منا من
لا يملك حسابا في احد البنوك ليحافظ على أمواله، وعلى النقيض الكثير مقفل
حساباته مع الآخرين كل يوم يودع أمولاً في حسابه البنكي ولم يودع شيئاً في حساب
بنك التعامل الإنساني مع الآخرين حتى ولو ابتسامة لا تدفع عليها مقابل مادياً..
هل تستطيع أن تفتح
حسابا ورصيدا مع إنسان آخر وهل يحتاج منك الذكاء الاجتماعي
والمجهود في إظهار المشاعر والود في تعاملك مع الآخرين؟؟؟
إن كسب الناس مسألة غاية في
السهولة, كل ما هو مطلوب منك قليل من العاطفة الصادقة واللمسة الشخصية في التعامل,
فالبشر لا يطلبون منك سوى لفتة إنسانية بين حين وآخر تعيد للعلاقة توهجها, وتزيل
الران المتراكم بفعل إيقاع الحياة المعاصرة وتعقيداتها..
ثم تضع كمية من صلة الرحم هنا,
وتضيف شيئاً من عبق الهدية وتبادلها, وتكتب رسالة بين آن وآخر إلى شخص مر في خاطرك
أو السعي في حاجة المعسر دون طلب, أو دعوة لأخيك في ظهر الغيب, أو زيارة في الله
تمارس فيها مشاعر الأخوة بكل حرارتها وزخمها وإخلاصها..
تعلمت خلال مشواري الأسري
والوظيفي والاجتماعي أن أكون إنسان ناجح في علاقاتي وتعاملاتي مع الآخرين، وقبل كل
شيء أن أروض نفسي على شيئين مهمين..
أولهما : إحسان
الظن بالبشر .. حتى إن بدى لي منهم ما يريبني أو يشغلني، فالمتهم بريء حتى
تثبت إدانته..
الأمر الآخر : ابدأ
بنفسي أولاً .. فأعامل الغير كما أحب أن يعاملوني، ولا أعير اهتمام كبير لردود
أفعالهم تجاهي..
السؤال المطروح : هل تتكون لدينا
صور داخلية إيجابية أو سلبية في تعاملنا مع الآخرين أثناء تعاملنا معهم؟؟؟
الإجابة : انظر
لحال المسلمين اليوم في تعاملهم مع بعضهم تجد إجابة سؤالي..
لو أليقنا مجرد نظرة إلى أخلاق
الكثيرين في زحمة الشوارع وكيف تسمع الألفاظ البذيئة والحركات القبيحة تجد أن الناس
تناسوا صفات جميلة مثل ( الذوق - اللباقة - الكياسة - التغافل - مراعاة المشاعر -
حفظ الأمانات وردها - الابتسامة عند اللقاء - عدم السؤال عما لا يعنينا - كلمات
الشكر والثناء)..
فقبل أن تفتحوا حساباتكم مع
الآخرين أفتحوا قلوبكم وأودعوا في كل يوم بتعامل راقي وكلمة جميلة وابتسامة
رائعة..
ومضة : لا تنسوا زراعة اللطف فهو جزء من قيمة الأعمال
في الحياة ..
" الكلمات السحرية لا تكلف
الإنسان شيئا لكنها تفعل فعل السحر وأعظم، فلماذا كلماتنا و عباراتنا فيروسات
سلبية تصيب من حولنا بالتسمم العاطفي والمشاعري "
" لا تدع أي فرصه لأي شخص
سّيء الخلق أن يجعلني أغيّر قناعتي و مبادئي هذه وأتنكر لها "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق