الجمعة، 19 أكتوبر 2012

هل نحن فقرا حقاً؟؟؟


 

الفقر المادي ربما هو فقرٌ مؤقت وقد يزول بكل يسر ، صحيح أن الانتقال من حالة الفقر إلى حالة الغنى يتطلب جهد كبيرا ، لكن الخروج من دائرة الفقر إلى دائرة الكفاية قد لا يتطلب كثير من عمل فهذه طبيعة الأشياء المادية يسهل تحصيلها كما يسهل فقدها .. أما الفقر في عالم الأخلاق والقيم والأفكار هو ناتج عن تراكم سلوكيات خاطئة ، لا تزول إلا بالعمل الجاد والتركيز على جانب القيم والخُلق عند الفرد والمجتمع.

الأخلاق : هي مجموعة قيم ومبادئ سامية تبنى منذ الصغر ، ثم تتحول إلى سلوك مثالي يحتذى به. كما قالت السيدة عائشة الطاهرة المظهرة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم : (كان خلقة القران). أي كان قرأن يمشي بين الناس. وأيضا عليه أفضل الصلاة والسلام : (إنما بعث لأتمم مكارم الأخلاق). وقبل ذلك كما وصف الله عزوجل نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام بقوله تعالى : (وإنك لعلى خلق عظيم).

نحن كمسلمين يجب علينا أن نتحلى بمكارم الأخلاق سواء في السلم والحرب , في العسر أو في اليسر في الرخاء أو في الشدة ، لكن في زمن اختلط فيه الحابل بالنابل والصالح بالطالح أصبحت الأخلاق كلمه تلقن للناشئة دون أن ويربو عليها فغاب القدوة وامتلأت مجتمعنا بالانحطاط الأخلاقي!!! .

أكثر ما لفت نظري هو خوفي من هول يوم القيامة ، عندما قال صلى الله عليه وسلم  لأصحاب سائلاً لهم : (أتدرون من المفلس؟ ، قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال الصادق الأمين : إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي وقد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيعطى هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته ، قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ، ثم طرح في النار).

وهنا أنتساءل ما هي الخطط العملية المدروسة ، وسُبل التقدم والتطور ، التي ننتهجها لتغير سلوكنا الأخلاقي والقيمي.؟؟؟ أسئلة كبيرة وإجابتها قد تكون متعبة  ، ولكن يجب أن نواجها ونجيب عليها بواقعية وعملية إذا ما أردنا أن ننهض بأمتنا ، وأن يكون لنا مكان بين مصاف الأمم المتقدمة والمتحضرة.

سأضرب لكم أمثلة من واقعنا الحاضر .. هناك شخص خلوق جدا ومؤدب وملتزم بالأخلاق على أفضل وجه ، ولكن عمل شيء يغضب شخصٍ ما ، بغض النظر عن الشيء الذي فعله ، وعندما قابله ذاك الشخص واستفسر منه قام بالكذب عليه وأخفى أنه قد فعل ذاك الشيء ، خوفا من الذي أمامه أو لأسباب أخرى. فهل يوجد هنا ما يمنعه من الكذب؟؟

حسنا شخص آخر فقير جدا ووجد مبلغ من المال سقط في الطريق العام. هل هناك ما يمنعه من أخذه والانتفاع به؟؟

وشخص آخر أيضا يريد تقديم امتحان ولكنه وجد الأسئلة صعبة ولم يستطع الإجابة ، ثم وجد ورقة زميله مكشوفة ، ما الذي يمنعه من الغش حتى ينجح بالامتحان؟؟

فكرتي ببساطة هي : أنه مهما كان الشخص ذا خلق فإن هذا لا يمنع أن يقع ببعض الأمور المنافية للأخلاق لأنه بكل بساطة لا يعتبر هذه الأمور منافية للأخلاق من وجهة نظره الحالية مادام الغاية منشودة ، أو لأنه يعلم أنه لا رقيب ولا حسيب.

بينما المسلم الحق الذي يملك قيم سامية ويخشى الله في تصرفاته وأفعاله. ما الذي يمنعه من الأكل والشرب في نهار رمضان ، وهو جالس بالمنزل ولا يراه أحد؟؟

لو أتيت لي بمريض منع عنه الأطباء الطعام والشراب وهذا المريض يشتهي الأكل كثيراً. ما هو مدى احتمال أن يأكل في أول فرصة تتاح له بعيدا عن أعين الأطباء؟؟

أليس هو احتمال عالي جداً كما نرى كثيرا في المستشفيات وذلك بالرغم من أن الأطباء يكونوا قد حذّروه من خطورة ذلك.

سأضرب لكم مثالاً أبسط من ذلك ، وهم مرضى السكري الذين يتحايلون كثيراً بأكل الحلويات التي تشتهيها أنفسهم وإن كان ذلك على حساب صحتهم. بينما تجد أن معظم الذين يصومون رمضان تتوفر لهم فرص كثيرة للأكل والشرب في نهار رمضان ، دون أن يراهم أحد ، لكنهم لا يقدمون على ذلك. أليس هذا دليل قوي على أن الوازع الداخلي والديني أقوى بكثير من كل شيء؟؟

إذاً الأخلاق نفسها لا ضابط لها ولا رابط ولا معيار إلا التمسك بالدين الإسلامي الحنيف وتعاليمه القيمة.

ومضة :

الفرق بين أن تفعل الشيء تطوعا دون حافز أو وازع من ضمير أو معتقد وبين أن تفعله اضطرارا أو اختيارا بحافز واجر أكثر من كافي ومجزل لهذا العمل وبالأخلاق والمبادئ والمعتقدات السليمة. وأعمالك الدنيوية التي تعملها لأغراض دنيوية ، يفترض أن تبتغي بها حسنات ومكاسب أخروية ، كونها نفس الأعمال الصالحة لكنك فقط قمت بضبط نواياك ومعتقداتك عند أقدامك على العمل لا أكثر .

فالذي يظن ان الفقر هو فقر الجيوب مخطئ .. وانما الفقر هو فقر العقول والقلوب ، فالفقر الحقيقي هو افتقارنا الى الله عزوجل. حيث قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللـه واللـه هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ). وحديث النبي صلى الله عليه وسلم : (أقربكم منى مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق